ذكر روبرت ليسي مؤلف كتاب المملكةنقلاً عن الكولونيل ديكسون ( المعتمد البريطاني في الكويت ) أنه قدّر في ثلاثينياتالقرن الماضي أن ربع من يسكنون في البوادي المحيطة بالكويت ، كانوا يعيشون علىالنوق فقط ، وربع آخر يعيشون على الحليب والتمر فقط ، بينما النصف المتبقي يعيشعلى التمر والحليب والخبز ، ولم يكن حال أهل الضواحي أسعد حظاً من البوادي ، فأهلالبحر كانوا يغيبون في موسم الغوص أربعة شهور ، ليحيوا حياة الكفاف ، وقد يعاودونالغوص في مواسم أخرى مثل موسم الخانجية أو الردة ، لكن بيوتهم الصغيرة نهاراًوالمظلمة ليلاً هي كبيرة بنفوسهم العظيمة ومضيئة بحبهم لبعضهم البعض ، وحين يخرج الصغار الى الفضاء الواسع (شوارعالحي) تكون لهم الملعب والمقهى والتلفاز ، وفي زاوية الطريق تعقد نشاطات النادي الاجتماعيلأبناء الحي , ولا يشترط الزي الرسمي لحضور مناسباته ، وبعض البقع الصغيرة ( بحجم كف اليد ) على الثياب أمرٌ مقبولٌ ومتجاوزاًعنه ، ولربما كانت البقعة برهان هذا الصغير على أنهم أكلوا الدجاج المحبب والنادرفيقرب ثيابه ليشتمها (ليشمها) أقرانه ، والجميع بثيابهم علل ، فهذا مرقوع ، وذاك متسخ ، وهذا يلبس ثوب أخيه أو أبيه والأمرفيه سعه، وبالرغم من ضيق الحال ، فأن هذه الشوارع غنية بالقيم ، ففيها تدرَّسالشجاعة ، ويذم الانهزام في العراك ، وفيها يدرَّس الصدق ، فالكاذب مهجورومنبوذ ، وفيها يمارس الاحترام ، حيث يطرد من لا يجل الكبير ، ويتزعّمذلك من يملك صك الزاوية أو ظل تلك الشجرة.
لكن خروج أبنائنا الى الطريق ( اليوم )هو تذكرة ذهاب وإقامة في السجنالمركزي ، فمن يطلق لابنه العنان بلا رقابة ، فقد يترك الصالحين و يصاحب مدمناً أو منحطاً ، ثم يتخرج مجرماًفاحشاً وفاشلاً بلا أخلاق ، وهذا يزيد مسؤولية البيت لبناء التربية الأخلاقية والاجتماعية حيث غاب الشارعالذي كان يبني جانبا من أخلاق الطفل و من شخصيته الاجتماعية وهو ما أثقل كاهل المنزل و الأهل .
ومن المضحك المبكي أن ترى من يختصرالتعليم الشاق المرهق ويظن أن الطفل هو دميته التي هي للممازحة أو ساعة راحته التي هي للاسترخاء ، فيبقى ابنه خالياً من المهارات ، وإذا ما أرادأن يعلم طفله فنون الحياة اختصرها بقوله "خلك رجال " ثم ينتهيدوره بعدها ، و إذا ما كبرالصغير يختصرتعليم فترة الشباب بقوله "إقعد عدل " أو " قبل رأس عمك "متجاهلا دوره العظيم ، لكن المبكي هنا ، أن هذا الصغير قد لا يحسن صنع شيء لأنه لاأحد يعلمه شيئا ، فلم يرفع المطرقة ، ولم يغل الشاي ، أو أنها لم تغسل الصحون ،فإذا ما دارت رحى السنين وكبروا واضطروا لإطعام أنفسهم ، فإنهم سيشقون شقاء من كان يبحث ويحاول إكتشاف العجلةولنتصور كيف حياته قبلها، لكن الاولاد الذين قد تعلموا كيف تعمل العجلة سابقا،ستحملهم الى أمانيهم لاحقا.
ملاحظة : في الجزء الثاني ، سأتعرض للتعليم أثناء الحمل ومابعده ودورنا فيه
ملاحظة : في الجزء الثاني ، سأتعرض للتعليم أثناء الحمل ومابعده ودورنا فيه
عبدالله عبداللطيف الابراهيم
شركة نقل اثاث بالجبيل
ReplyDeleteشركة تنظيف منازل بالجبيل
شركة رش مبيدات بالجبيل
مكافحة النمل الابيض بالجبيل
شركة عزل اسطح بالجبيل