Thursday, March 14, 2013

مسجد أوهامي



فيه ، أقف بخشوع ، لا تشاغلني الدنيا ، أدرك تكبيرة الإحرام في كلِّ صلاة ، وحينما  أنهي صلاتي ، أدور بجسدي صوب جاري المصلّي، لأسلّم عليه مبتسماً ، وأتعرّف عليه ، وقفت أصلّي يوماً فاصطكت قدم جاري  بقدمي ،و أحسست باهتمامه الشديد للإصطفاف ، لقد أراد أن يستقيم للقبلة بعد كل ركعة  ، فصافحته بعد الصلاة ، وسألته عن أحواله ، وسألته عن فعله ، فقال : أريد أن أستقبل القبلة بكل أركاني ، وأريد أن أكون جنديا في صف مستقيم ،أو كصخرة في جدارٍ متسق ، فقلت له ألم: يشاغلك ذلك عن الخشوع ، فأجاب ، بأريحية ، نعم لكنني أعود لخشوعي بعد أن تلتحم قدمك بقدمي لنكون مدفعاً قذيفته الإيمانية لو أطقلت أصابت الكعبة ، فنقوّم إعوجاج أقدامنا لتستقيم ، أعجبني قوله لكنني أردت أن أصحح خطأه فقلت : هل سألت نفسك : لِمَ لم يخلقنا الله مدافع ؟ قال ماذا تقصد؟ ، قلت له : ألم ترى جسدك ، هل تعلم به شيء مستقيم ؟ فأطرق يفكّر ، فقاطعته قائلا: لم  تحمّل نفسك فوق طاقتها ؟ ألا تظن أنك تركت الخشوع وهو لبّ الصلاة وانشغلت في الإعداد للصلاة الذي ينتهي بعد أن تشرع فيها ؟ فقال سأستفتي شيخي، فقلت له مبتسماً لا تنسى أن تستفت قلبك!.
وذات يوم دخلت ذلك المسجد ، فكبّر بالصلاة رجل لم يطفأ هاتفه ، فأخذ يرن ويوقفه ثم يرن أخرى وبعدها يرن ، وفي كل مرة يخرجه من جيبه ليوقف رنينه ، ولينظر لمعرفة المتصل ثم يدخله في جيبه ، وحين سلّم علي صافحته بحراره وكأني أعرفه ،  وبعد أن تعارفنا قلت له : أتقبل النصيحة ، قال نعم وبكل تأكيد ، قلت له : هل الصلاة من المناسك والشعائر ، قال : نعم ، قلت له: هل تريد أن تأخذ أجر تعظيم الصلاة في قلبك ؟ قال : كيف ؟ قلت : أسمعت قول الله " وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ"  لو عظمتها لأطفأت هاتفك ، فشكرني وانصرف
وفي ذات المسجد ، كبّرت بصلاة العشاء وكنت جنب الحائط ، فدخل المسجد مصلٍ مستعجل فأراد أن يدرك الركعة، فانحشر بيني وبين الحائط وغمرتني  رائحته   ، فسلمت عليه بعد الصلاة ، وسألته مبتسماً: هل ضاق بك المسجد لتصلّي في موضعٍ يضيق بقط ؟ فضحك وقال : لتكن أريحياً وتوسّع لأخيك المسلم ، ولا تحرمنا من أجر الصف الأوّل !  فقلت له: هل ظننت أنك ستؤذي من يصلي بجانبك برائحة دخّانك ، قال : ممكن ، نعم ، نعم ، ثم قطّب جبينه متحمساً ولكنه لن يمنعني  عن دخول المسجد ، فالصلاة أهم ، قلت له : أتعلم أن الأذى هو الحرام الذي يدخلك النار إن فعلته  أو الجنة إن منعته ؟ قال كيف ؟ قلت ألم تدخل إمرأة النار لأنها كانت تؤذي جيرانها؟ ألم تكن تقوم الليل وتصوم النهار ؟  أولست بجارك  ؟ ألم تعلم أن مومساً دخلت الجنة لأنها رفعت أذى العطش عن كلبها ؟ ،قال سأستفتي شيخي ، فقلت هل أخذت بقوله في الدخان ؟ فابتسم وانصرف
كل هذا حصل لي في مسجد أوهامي ، أما مسجد حقيقة أيامي ، فأنا زعيم المتخلفين عن تكبيرة الإحرام وعن الصلاة، تشغلني الدنيا عن المصافحة فأخرج أطارد مصالحي مستعجلاً ، إلا ماندر ، فإن آذاني من بجانبي أتصبّر حتى تنقضي دقائق الصلاة  ، فلربّما أجر صبري يعوّض تقصيري ، كما أنني أهرب من المناصحة فلربّما أتاني الشيطان فخلطت له نصيحة بتوبيخة  ، إلا ذات مساء ، فحين وقفت أصلي المغرب وقف بجانبي رجل كأنه أغتسل ولم يتنشّف ، يغمر ماء الوضوء رأسه إلى قدميه ، بلل المسجد وبللني ، آذتني تسبيحاته وتكبيراته العالية فهو يصدح بها ، فقلت في نفسي ، هذه المره سأجبر نفسي على إخباره بقول الله  "  ولا تجهر بصلاتك ولاتخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا " فرفع يديه يدعو بعد الصلاة مباشرة اللهم إني أعوذ بك من الوسواس و الجنون ، فانصرفت بعد انتظار ، فلم يبق للنصيحة موضع !
عبدالله عبداللطيف الإبراهيم
@BoSlaeh

No comments:

Post a Comment