Thursday, February 23, 2012

صحتنا النفسية

في مقال بيوتنا الخشبية ( اضغط الرابط إن أحببت  ) ذكرت  كيف أن الانسان ينجر أفكاره ، والعقل بعد أن ينتهي من بناء أفكاره و قناعاته التي يؤمن بها ،  يعيش داخل حدود هذه الافكار وهو البيت الخشبي الذي يعيش فيه ، وهنا أسال سؤال : هل من الطبيعي أن نزور الطبيب النفسي ؟ سنجيب جميعنا بأننا لا نحتاج الى طبيب نفسي ، ولكن هل فحصنا تلك الفكرة قبل أن نعيش داخلها ؟  بتلقائية سنقول أن التفكير دليل منطقي أن عقولنا تعمل ، ولو كان بها علِّة لم نفكر بها !، لكن هذا الاستنتاج  خاطئ ، فالامراض العقلية مثل الامراض الجسدية ، فهي تزورنا ولكننا نكمل حياتنا.
بكل تأكيد لا يكاد أحد يخلو من الامراض الجسدية من كحة و عطاس والآم ..الخ كما أنه الأمراض العقلية هي ايضا موجوده بكثرة  مثل الاكتئاب ، الافكار السلبية ، عدم الوعي باضرار ما نقول أو  الغضب الغير مبرر  ... الخ، أعجبني تعليق عميق من أحد الاخوة الذي لاتفارقه فكاهته ، يقول معلقا على مشاهداته حين تعرضه لغزو أصاب بلده من بلد محتل ، يقول متعجباً ، لاأدري كيف تحول كل من أعرفهم ممن هم سريعي الغضب الى حلماء ، فكانو يتعرضون للايذاء في الطريق وكانوا يقابلونه بابتسامة وطيب خلق "حيث أن قلة الادب تقابل بعقوبة  الرمي المباشر بالرصاص " فالمقصد أن الانسان هو من يحدد أين ينتهي حلمه حسب الزمان والمكان والاشخاص .
لاتأتينا الامراض النفسية  بسبب إصابتنا بفايروس ولكنها نتيجة ضغوط الحياة ، ففي تجربة مثيرة عرضوا ١٠ من الشباب ( الشباب من الاقل عرضه للامراض ) الى ظروف عمل وضغط نفسي ، تبين أن نسبة كبيرة منهم  قد ظهرت عليه علامات الاكتئاب ، فالامراض النفسية كثيرة ومنها: اضطراب القلق ، اضطراب القلق الاجتماعي ، اضطراب الهلع ، الخوف من الأماكن العالية ، الوسواس القهري ، و اضطراب ما بعد الصدمة الإجهاد ....الخ*
إسمحولي بالقاء الضوء على مرض نفسي تزيد نسبته بالعالم العربي على ٢٠٪ ،  من أعراض الاكتئاب الخفيف  الشعور بالحزن المستمر والضيق واليأس ، أما إذا أهمل علاجه فقد يتطور الاكتئاب و يتحول الى فقدان الاهتمام والقدرة على الاستمتاع بمباهج الحياة أو اضطراب الشهية ، إما بزيادة الاكل أو فقدان الرغبة بذالك حسب طبيعة الشخص ، وقد يزيد الاكتئاب فيشعر المكتئب باضطراب النوم بالزيادة أو النقصان ، أما الإكتئاب الشديد فيصاحبه الشعور بالذنب والإثم وعدم الاحساس بقيمة الذات، رغم عدم اقتراف المريض لأي أعمال تدعو لمشاعر الذنب هذه.. ولكنه يرى أنه المسئول عن كل ما يحدث حوله من مصائب وآثام ، وقد يزيد فتكثر  الأفكار عن الموت، وعدم قيمة الحياة،  وتمنى الموت ونسبة عالية من المكتئبين يفكرون جدياً بالإقدام على الانتحار في حالات الاكتئاب المتقدمة ،وقد أثبتت دراسة لمجموعة من علماء النفس  توقف بعض أجزاء من العقل للمرضى شديدي الاكتئاب بعد أصابتهم به لسنوات حيث يؤدي الى ضمور العقل .
يحكي كتاب جون فالينت ( حكمة الأنا "the wisdom of the Ego" ويقصد النفس  ) أن العقل يطور خمس انظمة دفاعية ليحمي نفسة من الشعور بعدم الراحة  ومن هذه الانظمة الدفاعية هي أسلوب التطرف حيث يقوم العقل بالتطرف اذا شاهد قصر غني وهنا تتحرك طبيعة الانسان فيشعر بالغيرة أو الحسد فيقول ان صاحب القصر لم يشتريه من مال حلال وانما من مال فيه غش ، ويشاهد الفقير محتاج فيشعر بمسؤوليته الاجتماعية إتجاهه وهذا الشعور غير مريح فيقول ان هذا الفقير لا يريد أن يفعل شي لنفسة ، فالعقل يقوم  بذلك دون وعي محاولة ترك شعور لايريده لنفسه ويغلفه بشعور آخر يجد فيه الراحه ، وهنا تأتي الخطورة من أن الانسان إذا كرر ذالك الاسلوب والتفكير  تتدمر الحقيقة ، فالحقيقة ليست مؤكدة أن مال الغني  من حرام وليست مؤكدة أن الفقير لا يريد أن يعمل لكن الطبيعه البشرية تفترض ذلك لتهرب من الشعور المزعج أن غيرنا قد عمل بجد !
  أن استخدام المكتئب لهذا التطرف مع أشخاص قد يتعامل معهم باستمرار أو بشكل يومي سيجعله يعجز عن فهمهم لوجود فرضيات غير حقيقية  ( تصورات وليست حقيقة  ) و هي من اختراعه ،  فيجهل التعامل مع الحقائق ثم يصيبه الاحباط ويتحول  الاكتئاب أو مرض آخر ، هذه إحدى خفايا أمراض النفس  التى لا تعد ولا تحصى وقد يستعصي على الكثير من الاطباء تشخيصها ، ولا ننسى أن الدعاء يشفي الكثير من العلل ،  فقد كان موسى عليه السلام ينعقد لسانه ويضيق صدره وكان سريع الغضب ولذلك سأل الله "قال رب إني أخاف أن يكذبون ( * ) ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون" فسأل الله" قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي" ولكن لا تكون كمن يسأل الله الولد وهو لم يتزوج فالاخذ بأسباب الشفاء من مراجعة الطبيب أمر ضروري يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" البخاري

*http://en.wikipedia.org/wiki/Mental_disease

عبدالله عبداللطيف الابراهيم
https://twitter.com/#!/boslaeh

Thursday, February 16, 2012

حبُّ الله







بعد ولادتنا ، وعند أبتسامتنا الأولى تطايرت آلام ولادة أمنا وأوجاعها وهي تنظر الى ابتسامتنا ، لم يزعجها صراخنا فهو التعبير عن رغبتنا في حُضنها ، ولم يُضجُرها بكائنا، فنحن نريد أن نشرب حليبها .
ولأنها حملت بنا في أحشائها فهي تحبنا ، وترانا قطعة من فؤادها ، ثم كبرنا وكنا لها الولد و الصديق والمعين ، وبعد سنين طويلة ترحل الامهات ، وتسقط آخر أوراق طفولتنا، وقتها يغزونا شعور بالكهولة وبالهرم وكأننا كبرنا مئة عام.
في هذه المسيرة ، من الولادة الى الوفاة ، يغمرنا فيض عطاء أمنا والله سبحانه سابق بالعطاء ، فوجود الأم هي منحة منه ، قبل أن نخلق أعطانا شرف أختياره لنا وتقديره لصورتنا " من نطفة خلقه فقدّره" ثم أكرمناالله بأن نفخ فينا من روحه بعد أن نكون نطفه ثم أكرمنا بسلامة الجسد وسلامة السمع "ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ " وقال سبحانه " ألم نجعل له عينين ولساناوشفتين" ، أراد أن يطعمنا ويزيِّننا فلم يعطيينا كما كالبشر يعطون وأرسل لنا طعاما يكفينا يوم أو يومين  ولكنه أعطى عطاء الرب فخلق لنا البحر "وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجون منه حلية تلبسونها " ويستمر العطاء فيطعمنا كل يوم وإذا مرضنا يشفينا "الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ " ليس هذا فحسب لكنه وصى أولادنا بنا خيراً إذا كبرنا "وَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" ،وينهمر العطاء الذي لا يتوقف ، فقد سخر لنا الليل والنهار الشمس والقمر و النجوم لخدمتنا "وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون" ويقول سبحانه توضيحا أن الكون عطية منه "وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"
رغم هذا العطاء وفيض الكرم "هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " ، الا أن الانسان يبقي عينيه مفتوحتين الى ما كل مالم يُعطي ويعتبر كل ما أُعطي هو حقه وليس منحة أعطيها ويخاصم من أعطى "خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين " ، وهذا العطاء لن ينتهي "والذين سُعدوا ففي الجنة خلدين فيها مادامت السموات والارض عطاءًٍ غير مجذوذ" فهل يحبنا ربُّنا ؟ وهل سنرد الحب بالحب ؟ و لمن أراد أن يظهر حبه لربه فليقرأ الحديث القدسي الذي أورده البخاري "ما تقرب إلى عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها بي يسمع بي يبصر بي يبطش وبي يمشى ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض روح عبدي المؤمن من يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه".






عبدالله عبداللطيف الابراهيم

Saturday, February 11, 2012

معمورة المعبود




 في هذه المعمورة ، يسكن العبيد ،  يكبر العباد وقد يتوالدون ، لا خيار لهم غير العيش في ملكه ولا أحكام غير حكمه  "واللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ " ، بالرغم من أن العبيد كانو يشتروا ويباعوا لكن عبيدالله خلقهم بيديه الشريفتين  "قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ
إن البشر عبيد لكنهم عبيد مكرّمون قبل أن التحاقهم بسِلك العبودية وهذا السِّلك  درجات متفاوته في أعلاها الأنبياء ، ويليهم الملائكة المقربون ثم الاقل فالاقل ، فالعبودية هي التي  تجمعنا مع باقي الخلائق " لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ " ،  وفي ليلة تكريم الكريم لاكرم العباد، أرسل الله له دابة فحملته الى المسجد الاقصى ليصلي إماما بالانبياء  ليتصدر قائمة العباد "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ" ، ولا يمكن للعبد أن يعلو فوق مولاه فالمولى هو المستعلي وهو الغالب "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" ، وفي هذه المعمورة  جَعل المعبود أحكام العبودية مطلقة بلا تقييد لكنه أعطى التفويض  لمن  يحكم في الارض " وإذْ قالَ ربُّكَ للملائكةِ إني جاعلٌ في الأرض خليفة " ، وفي معمورة المعبود الكل يعبد بلا إستثناء " تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا" ، لكنه أعطى التخيير لعباده من البشر في عبادته بعد أن عرّفهم حقه عليهم بعبادته " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
والعبيد عاجزون لكنهم شغلوا باستثمار قوتهم عن فهم ضعفهم ، ولنفهم بعضاً من ضعف العبيد لنعلم قدرة المعبود ، فالعبيد يظنون  ان التزواج يقود الى الولد لكن الله يذكرنا بأن الخلق هو من أمر الخالق وليس من أمر العبيد "أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون" ، ويظن العبيد بسذاجة  أن الماء يكون بالوصول اليه  "أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون " ويظن العبيد أن الزرع هو بحرث الارض ومعالجتها ، لكنه يذكرنا سبحانه بان الزرع هو خلق من خلقه "أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون " ويقول سبحانه "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ " ، ومن عجيب أمر الدنيا أن من يأبى العبودية لله تجده يقبلها لغيرة ، فتراه عبداً لمالٍ يجمعه ، أو كأسا يشربها أو متعة يلاحقها حتى إذا زال عنه كلُّ ما سعى اليه بحث عن ربٍّ يعبده " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما "


عبدالله عبداللطيف الابراهيم