في داري ستكرم وتضيّف ،، لن تخرج من داري خالي ، سأسقيك نقيع مخيلتي ،،، وضعتها داخل محبرتي ،،، وأريك رحاتي ودقيقِ ،، لن أصنع منهم خبزاً ،،،،،،،،،،، لكن ستتقن ترقيقِ
Sunday, January 31, 2016
Tuesday, January 26, 2016
توسكاني
جريدة القبس :: نشر في : 30/10/2014 12 أصاب شكسبير باختياره الريف الإيطالي مسرحاً لقصته الشهيرة «روميو وجوليات»، التي أغرقنا فيها بالرومانسية، فكم هذا الأقليم هو جميل بفصوله الأربعة! فمتوسط حرارة الجو في أشد الفصول سخونة، 25 درجة مئوية، ومتوسط الحرارة في أشد الفصول برودة هي 6 درجات، ويمكنك أن تتصوّر، كم هو الجو معتدل باقي الأيام وطوال السنة! وفي فصل الخريف، قررت زيارة ريف توسكاني الإيطالي، صحيح أنني لا أكترث كثيرا بزيارة المتاحف التي تملؤها أعمال أبطال هذا الريف، من ليوناردو دافنشي ومايكل أنجلو، إلا أنني اكترث كثيرا بالجلوس على ضفة نهر «فلوم آمو» ومشاهدة أشجار الصنوبر والسرو الطويلة، وكذلك اشجار البلوط المعمّرة التي قد تصل إحداها الى عمر ألف سنة، وتكتمل سعادتي هناك بمشاهدة هضاب توسكاني الخضراء، التي تملأها المنازل المتناثرة، وفي الصباح الباكر أرقب من يهرول على ضفة ذلك النهر الرائع، بينما أرتشف القهوة الإيطالية التي لا يمكن لها أن تُغلب، بينما أكتب مقالي هذا. في أول يوم وصلت فيه إلى الفندق، لم يكن لي خياري المفضّل لأبحث عن المطاعم القريبة ممكنا لوصولي متأخرا ليلا، فاضطررت الى ان أتعشى في الفندق، وأدفع مبلغاً مالياً فيه، لكن مهارة هذا الطاهي جعلت عشائي في الفندق طيلة إقامتي. أشرف على خدمتي شاب عربي من تونس لم يتجاوز الثلاثين من عمره، دردش معي ومع صديقي، وأخبرنا بأنه قريب من الارتباط بزوجة إيطالية، ولأني أعرف المجتمع الإيطالي قليلا، سألته اذا كان يسمح لي ان اسأله إن كان يصلي، فأجاب انه يصلي يوم الجمعة فقط، فأخبرته بأنه إن تزوّج تلك الايطالية فإنه سيتحلل من دينه، كما تحلل كثير من المسلمين الصومال في المجتمع الايطالي، وكثير من ابنائهم تنصّروا وذابوا في المجتمع الايطالي، كما تذوب حبة الملح في الماء. في اليوم التالي، جاء الى طاولتي يحييني كما انه يعرفني منذ سنين، وتحدّث معي عن أوضاع المسلمين والتطرف، وتبين لي من حديثه انه بدأ يشك في دينه، لما يقوم به غلاة المسلمين اليوم من القتل باسم الدين، وطال الحوار قليلا فاستوقفته، سائلاً: إذا ما جاءك زميلك وأخبرك أنك طردت من عملك، فهل ستترك عملك، ام انك ستنتظر رئيسك ليخبرك الخبر؟ فأجاب: لن أترك عملي إلا اذا اخبرني رئيسي، وهنا أوضحت له اننا نتشكك في ديننا لأن هناك اناساً كل يوم يشككوننا في الثابت من تسامح ديننا، كيف لنا أن نصدّق الشكوك في عدالة الدين الاسلامي، بينما الثابت من ديننا أنه لا يمكن أن يُظلم فيه أحد، ولا يقتل فيه ذمّي ولا كتابي؟! انفرجت أساريره بسبب رجوع ثقته بدينه، وقال لي: ادعُ لي بالهداية. قلت له: لا يوجد احد لا يذنب، لكننا نسترها، عسى الله ان يسترها لنا، استعن بما تستطيع على ما لا تستطيع، تستطيع أن تفرش سجادتك كل صلاة، وتصلي فرضك حتى تنهاك صلاتك عن ذنوبك.
عبدالله عبداللطيف الإبراهيم
Thursday, January 7, 2016
الغفلة عند العثرة
فواصل الغفلة عند العثرة
عبدالله عبداللطيف الإبراهيم
وضعت الأم طعام العشاء وقرّبت الخبز المحمّص، ومد الأب يده إلى قطعة الخبز وابتسم لزوجته، ثم سأل ابنه عن دراسته، متجاهلاً الخبز شبه المحترق، وحين نهض الولد عن طاولة الطعام، سمع أمه تعتذر لأبيه عن حرقها الخبز وهي تحمّصه، أجابها أبوه، قائلاً: حبيبتي لا تكترثي لذلك، يعجبني طعم الاحتراق في الخبز، وحين آوى الولد الى فراشه، سأل والده إن كان حقا يحب تناول الخبز محترقاً، فضمه والده إلى صدره، وقال: يا بني، إن أمك كان عملها شاقّاً، وخبزة محترقة يجب ألا تكسر قلباً جميلاً!
سبق أن وردت إليّ تلك القصة من صديق، فأعدت إرسالها الى بعض الأصحاب، وتساءل اثنان منهم السؤال ذاته: أين نجد البشر الذين يعذروننا؟! فأجبتهم، ممازحاً: نجدهم في وسائل التواصل فقط، فبين الأزواج قد يتعذّر التغافل بسبب الكثرة والتكرار، والاحتكاك والتعامل اليومي لا بد أن ينتج عنه تقصير، وستتعاظم الخلافات بينهم، إن لم يفرّقوا بين الخطأ الناتج عن خدمة بعضهم لبعض، والخطأ الناتج عن إهمال بعضهم لبعض، فحرق الخبز ناتج عن خدمة أحدهما الآخر، والعذر والتغافل واجب، أما إهمال الزوج أو الزوجة واجباتهما، فالحوار هو الحل، والتغافل سيفاقم المشكلة.
حين يزعجنا شخص عادةً ما نظهر التسامح والعذر، لكن تكرار الخطأ يستهلك «هامش التسامح» وتصبح الزلة الصغيرة شديدة الأذى للآخر، ليس بسبب كبر حجمها، بل لأننا نظن أن صبرنا نفد، فبعد سنين من عدم التفاهم بين الزوجين، سيصبحان أقل تسامحاً ويتحولان إلى لعبة الاتهام والتقصير، فرغبة تغيير الآخر هي الدافع وراء توجيه الاتهامات، والرغبة في التنفيس عن الانزعاج، لكن تلك الرغبة في تغيير الآخر لا تقدّم حلاً، بل تقدم ضمان استمرار المشكلة، والدوران في دائرة الشر المغلقة من دون نتيجة لأي منهما، فالكل خسران، ولا يربح سوى الشيطان، والحل هو في استخدام المنطق والتفكير في مبادرة خالية من الكلمات والعبارات التي فيها الاتهام أو اللوم.
يقول البروفيسور دالتون كيهو في كتابه مهارات التواصل المؤثرة: «لا تستخدم كلمات الاستفسار «ل.مَ» أو «كيف» في التواصل مع أي شخص، سترسله بعيداً، حيث كان أبواه يعاتبانه على تقصيره»، ويقترح البروفيسور في كتابه، الذي لم يترجم بعد، «أطنان» الأدوات التي تساعدنا في التواصل مع الآخرين بعيداً عن الاستفسار الذي فيه العتب والملامة، فالحب لا يجتمع مع تصيّد العثرات وتسجيل الهفوات، فالمحب يتغاضى ويتغافل.
التغافل لا يعني تجاهل الإشارات والكلمات وعدم الرد عليها، فهذا ابتعاد عن المشاركة، وهو رسالة واضحة للآخر «أنت لا تعني لي شيئاً»، فالباحثون وجدوا أن الأزواج المنفصلين يتجاهلون %80 من إشارات شركائهم السابقين، بينما لا تتجاوز تلك النسبة %19 بين الأزواج السعيدين، يقول البروفيسور السابق ذاته في الكتاب نفسه «نظن أن الكلمات هي التي بها التأثير في الآخرين، والصحيح أنّ الإنصات اليهم هو المؤثر».
Subscribe to:
Posts (Atom)