Saturday, February 11, 2012

معمورة المعبود




 في هذه المعمورة ، يسكن العبيد ،  يكبر العباد وقد يتوالدون ، لا خيار لهم غير العيش في ملكه ولا أحكام غير حكمه  "واللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ " ، بالرغم من أن العبيد كانو يشتروا ويباعوا لكن عبيدالله خلقهم بيديه الشريفتين  "قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ
إن البشر عبيد لكنهم عبيد مكرّمون قبل أن التحاقهم بسِلك العبودية وهذا السِّلك  درجات متفاوته في أعلاها الأنبياء ، ويليهم الملائكة المقربون ثم الاقل فالاقل ، فالعبودية هي التي  تجمعنا مع باقي الخلائق " لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ " ،  وفي ليلة تكريم الكريم لاكرم العباد، أرسل الله له دابة فحملته الى المسجد الاقصى ليصلي إماما بالانبياء  ليتصدر قائمة العباد "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ" ، ولا يمكن للعبد أن يعلو فوق مولاه فالمولى هو المستعلي وهو الغالب "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" ، وفي هذه المعمورة  جَعل المعبود أحكام العبودية مطلقة بلا تقييد لكنه أعطى التفويض  لمن  يحكم في الارض " وإذْ قالَ ربُّكَ للملائكةِ إني جاعلٌ في الأرض خليفة " ، وفي معمورة المعبود الكل يعبد بلا إستثناء " تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا" ، لكنه أعطى التخيير لعباده من البشر في عبادته بعد أن عرّفهم حقه عليهم بعبادته " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
والعبيد عاجزون لكنهم شغلوا باستثمار قوتهم عن فهم ضعفهم ، ولنفهم بعضاً من ضعف العبيد لنعلم قدرة المعبود ، فالعبيد يظنون  ان التزواج يقود الى الولد لكن الله يذكرنا بأن الخلق هو من أمر الخالق وليس من أمر العبيد "أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون" ، ويظن العبيد بسذاجة  أن الماء يكون بالوصول اليه  "أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون " ويظن العبيد أن الزرع هو بحرث الارض ومعالجتها ، لكنه يذكرنا سبحانه بان الزرع هو خلق من خلقه "أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون " ويقول سبحانه "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ " ، ومن عجيب أمر الدنيا أن من يأبى العبودية لله تجده يقبلها لغيرة ، فتراه عبداً لمالٍ يجمعه ، أو كأسا يشربها أو متعة يلاحقها حتى إذا زال عنه كلُّ ما سعى اليه بحث عن ربٍّ يعبده " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما "


عبدالله عبداللطيف الابراهيم

1 comment:

  1. اخ عبدالله
    تناولت بمقالك معمورتنا وعبوديتنا بها ، كان لجمال الصور الوقع الذي ميزها وزاد رونقها، وربطك للمفاهيم بادلة القرآن اضاف للحجة برهان ودليلاً
    وفقت بتدرجك لتصل لفكرة كيف آن العبيد عاجزون ومشغولون عن قهم ضعفهم
    مقاله رائعة والى الامام

    ReplyDelete