Tuesday, April 16, 2013

أبراب مخفية



حين تعصف رياح الشتاء الباردة  تجمعنا نارها الدافئة ، وحولها يحلو التسامر ، تمتعنا الكستناء حين تتفقّع ، وشاي يوضع يترقّد ،  وطفلٌ  يظن الجمرة ثمرة ، يركض نحوها  فيبعد ، لكني لا أبعد أطفالي ، فبمجرد أن يبلغ طفلي الحبي ، أمسك يده وأقربها من النار ، ثم أقول له ،أحْ أحْ ، وبعدها أضع يدي علي  إبريق الشاي الصيني الموضوع قرب النار لأتأكّد من حرارته ،وأضع يد طفلي الصغير عليه لتمسّه  حرارته ،  لا تزيد على لسعة الناموس أو النحلة ، لكنني بهذا أنقل ملفاً كاملاً  عن خطورة النّار إلى طفلي الصغير ، وبعدها أقرب يد طفلي ثانية  ، لأراه يسحبها من يدي ، فيطمئن له قلبي في غيابي ، وتنتهي فترة حمايتي له عن النار ، وأتفرّغ لتعليمه غيرها، وتبدأ حمايته لأخوانه وأقرانه ، فتراه يصرخ  لمن يقترب من النار ببراءة واهتمام  شديدين قائلاً  أحْ أحْ.

وكذلك هي الحياة ، بها الكثير من الطرق المختصرة تكفينا عناء تكرار أمور تربوية كثيرة ، وكم أتألم حين أرى بعض المربين من الآباء أو الأمهات يكررون كل يوم ذات الطقوس التربوية ، فهذا يطلب من إبنه أن لا يتخاصم مع  أقرانه ، لكن ابنه يعود للتخاصم ويعود أبوه لزجره ، لكنّ أباه لو علّمه مهارات التعامل مع أقرانه وأن من فوائد التسامح  والتغاضي عن زلاتهم هو محبتهم له وحرصهم على اللعب معه مجدداً ، أو أنه حدّثه أن التنازل عن الحق أنفع من التمسّك به  لوجد طريقاً مختصراً يخرج به من دوّامة الطقوس التربوية  ، وبعدها يتفرّغ أباه ليعلّمه مهارة جديدة   لكن الكثير لا يبحث عن هذه الطرق يمنعه وهمه وظنونه بعدم وجود طريق أقصر من طريقه ، يقول المفكّر الأيرلندي الحائز على جائزة نوبل في الأدب  برنارد شو ( ١٩٥٠ )  إن أكبر المشاكل هو الوهم الذي يمنعنا أن نرى المشكلة .
  لكنّ تلك الطرق موجودة ،  لا أفتؤ  أبحث عنها وإن لم أجدها، ولا أكلّ  من التفكير بها ، وجدتها في تعليمي صغاري كما وجدتها  في تسبيح ربي الباري ، فحين أسبّحه عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشة ومداد كلامته ثلاثاً ، تفوق تسبيحاتي  تسبيح  من أمضى ساعات الضحى يسبّح كما في حديث أم المؤمنين جويرية .


عبدالله عبداللطيف الإبراهيم 

No comments:

Post a Comment