Saturday, March 15, 2014

سلالنا المغلقة


عن الكاتب

عبدالله عبداللطيف الإبراهيم
تم النشر في 2014/03/11 
• لماذا نبحث عن الخلل عند الآخرين قبل أن نبحث عنه فينا؟!
سنكون أفضل إن تأملنا عيوبنا أكثر وأصلحناها، لكننا نبقي سلة عيوبنا مقفلة، لا نريد فتحها أو ننظر بتمعّن فيها، يعيقنا عقلنا (اللاواعي) الذي يعمل في الخفاء من دون أن نعلم به، وكلما حاولنا معرفة كيف يرانا الآخرون وضع عقلنا اللاواعي عصاه ليعرقل التفكير فيها، لان عقلنا اللاواعي يعلم أن التعامل مع أنفسنا هو تعامل لا يفهمه ولا يحسنه، فضلاً عن قناعته، من تجاربنا السابقة، أن فشلنا في التغيّر أقرب، فهو يثبطنا كلما تأملناها، ونحتاج إلى جهد إضافي لنتغلب على معوقنا الداخلي قبل أن نتغلّب على عيوبنا.
يتداول الناس قصة عن زوج خشي على زوجته تدهور سمعها، وتضايقه من صعوبة التواصل اللغوي معها، فقرر عرضها على طبيب، فطلب منه الطبيب أن يرجعها إلى البيت ويعمل لها فحصا تقليدياً.
فإذا ما طلب منها طلباً، اقترب منها أكثر ليقيس المسافة التي تسمعه منها، فناداها بعد عودته من عمله: هل الغداء جاهز؟ فلم تجبه، فاقترب أكثر فلم تجبه ودخل عليها المطبخ وهو يرفع صوته، فلم تجبه ولما وقف بجانبها أجابته: يا عزيزي، للمرة الخامسة أجيبك: نعم، الغداء جاهز، والآن خلطت السلطة!
تجيب هذه القصة عن تساؤل: لم نبحث عن الخلل عند الآخرين قبل أن نبحث عنه فينا؟ والجواب: هو لأننا نستصعب البحث عنه في سلالنا المغلقة، ولا نريد لها أن تفتح.
ورغم أن بعضنا يفكر بعيوبه إلا أن التفكير فيه منكمش إلى الحد الأدنى، وقليل منّا من يصغي لمن ينتقده ويسأله: كيف سببت لك الأذى؟ وما هي الأضرار؟ وكيف لي تفادي الوقوع في الخطأ؟ بينما الكثير يختصر الحوار باعتذار.
لربما نحسن اصلاح أجهزتنا ومنازلنا لكن اصلاح عادة تعودناها منذ سنين هو شيء يقرب إلى المستحيل، وهذا طبع البشر، ولربّما كان توجيه مركبة فضائية فوق سطح المريخ أسهل من اصلاح من يوجّهها لنفسه ليقلع عن عادة «علم أنها تؤذي من حوله» وتعوّد عليها منذ سنين.
يمنعنا أن نفتح سلتنا عدم رغبتنا في أن نرى أنفسنا ناقصين معيبين، ويحول بيننا وبين فتحها أننا لو فتحناها وشممنا ما لا يعجبنا فيها نظن أن سلة عيوبنا هي سلة مهملات، وظننّاها متهمين أنها حقيقتنا المخفية، بينما في الحقيقة كلنا خطاء وبه سلال وسلاسل من العيوب، ونحن المنزل وعيوبنا سلة صغيرة من الطبيعي أن تكون بجانبه، ويغيب عن الكثير منّا أننا لو فتحناها وعرفناها حق المعرفة لغيرناها أو جملناها أو لربّما كان اعتذارنا عن خطئنا منها أصدق وأقرب للقبول من الآخرين.

No comments:

Post a Comment