Saturday, November 12, 2011

متعة أم سعادة



في جو ربيعي منعش, جلسنا نحتسي كوبا من الشاي خاليا من السكرأنا وصديق , و بعد مجموعة من الحوارات تفاجأت بسؤاله لي: هل أنت سعيد ؟. لم أكن مستعداً لهذا السؤال لكن حضرني نقاش أدرته مع أولادي بذات اليوم فقد سألتهم عن الفارق بين المتعة والسعادة , وربطت المتعة بالجسد من ماكل ومشرب وكل حواسنا , وأخبرتهم أن المتع كثيرة فالعين متعتها النظر الى الجميل والأذن متعتها سماع الجميل والفم متعته الاكل اللذيذ والفكر متعته القصة الشيقة فالمتع ترتبط بالجسد ,أما السعادة فهي أنتاج فكري , وخلق الانسان يخلقه وبيت خشبي الانسان يبنيه ثم يعيش فيه , والسعادة هي  حالة من الاحساس تتشكل عند إجتماع مجموعة من العوامل والشروط, لكنها شروط يضعها الانسان لنفسة فأن تحققت ظن أنه سعيد. ولذلك نرى كثيراً من الناس قد أجتمعت لديه كل المتع الا أن من شروط السعادة لديه , أن لا يكون لديه أي أذى! فتجده سريع الغضب و معدوم السعادة .
لكن السعادة الكاملة لا وجود لها فالاصل في الدنيا النقص وليس الكمال، وهذا واقع نراه ونلمسه  فالنقص قائم فينا وفي اولادنا واهلنا و بيتنا وجيراننا وفي كل زمان نعيشة وكل مكان نطؤه ،فالناس بها عيوب والاماكن لها عيوب والالات بها عيوب ولو ظننا كمالها (فالكمال المطلق)موجود لكنه اما محبوس بين قوسين - حبسته الاحرف - فلا يخرج للواقع وإما حبسه الغيب وللوصول اليه يتوجب الموت أولا .
والكمال لا يوجد الا في يكون النقص فالنقص هو الشيئ الوحيد الكامل ، فكمال النقص تجده بحضور النقص في كل زمان ومكان وتجده مهما حاولت تفاديه ،وتجده مهما استعددت له وتجده معك ومع غيرك يتغير معنا فنولد صغار وينقصنا المال وتنقصنا الحرية وتنقصنا المعرفة ، وياتينا الشباب و تنقصنا الحكمة وتنقصنا الخبرة وندخل في النضج وتضيق أوقاتنا وينقصنا الفراغ أو الراحة أو راحة البال ، فالمسؤوليات كثيره ، وتدخل الكهولة وتنقصنا الصحة وينقصنا الشباب والوسامة أو الجمال فكمال النقص واضح لأنه صنع الذي أتقن كل شيء خلقه.
ولذالك لن نصل الي السعادة بان نغير الواقع لأنه ناقص ولكن بخفض سقف رضانا وشروطنا للسعادة ليصبح يناسب الدنيا ذات النقص ،ولتوضيح الفكرة اسوق مثال ، عندما نحجز في الدرجة الاولي بالطائرة فأننا ندفع ٤ اضعاف من ركبوا خلفنا فنحن نغير الواقع للحصول علي واقع افضل ولاننا بدار نقص فقد تقلع الطائرة ونكتشف ان كل مادفعناه قد ادي الي ضمان جلوسنا بجانب أسوء شخص في الطائرة وقد نجده سكران لا يسكت ولا يوجد مكان لتفادي ريحته وهرجه ولذالك فان شروطنا للسعادة ستنقلب من شروط للسعادة الي ضمان للتعاسة ، وسوف يعلق هذا الراكب بين واقع مرير لا يمكن تغييره وبين وشروطه التي وضعها للسعاده والتي لم يتحقق منها شيء ،ولذلك اردت ان اوضح ان السعادة هي مصنوع صنعناه من شروطنا ، وبيت خشبي نجرناه من افكارنا و وحيث ان طريق تغير الواقع مستحيل فلا حل لنا سوى خفضنا شروطنا للسعادة فكلما صارت متطلباتنا للسعادة اقل صرنا اقرب الي السعادة.

ومن يهيأ نفسه لعوارض الدنيا ويخفض شروطه للسعادة تجده أكثر سعادة ممن يشترط الكمال لنيل السعادة , فمن يجتمع بأصحابه و لا يشترط الكثير ويجامل الجميع ويقبل بمن حضر ,تجده سعيد ولو فتشت قلبه لوجدته يحب بعضهم ولا يحب  بعضهم الاخر , الا أنه لا يشترط أن يحضر من يحب ليسعد أو لا يحضر  من لا يحب , فهو راضي بمن حضر و عاذر لمن غاب  وقابل بقليل من الأذى ثم نلتفت الى شخص آخر يشترط أن لا يحضر البعض لانه لا يحبهم ويحرص ويشترط ويدقق على حضور من أحبهم فيشغلهم شاغل ولا يحضرون فتجده محروم السعادة, ضجور وقلق .
ولو كانت السعادة بشروط الكمال ، لما تقافز ١٠ أطفال جياع فرحا بدخول أبيهم يحمل عشاء لا يكفيهم ، ولم نرى ضحكات هذه العائلة تعلو بينما يسكنون في بيت مكون من غرفة واحدة !.
رجعت الى صاحبي الذي يريد أجابة سؤالي "هل أنا سعيد ؟" وقلت له : أنني أرى الدنيا ناقصة وأرى نقصها كاملا , فلا يمكن أن يحصل الانسان على كل مايريد ولايمكن أن يصل الى الكمال  وذلك ( لنظل نبحث عن الكمال الاخروي ) فشروط السعادة لا تخلق السعادة ، ولا وسيلة تسهل نيل السعادة وتخفض شروط السعادة سوي الرضا بما كتبه الله لنا واختصرها الرسول صلي الله عليه وسلم فقال " ارْضَ بِما قَسَمَ الله لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النّاسِ " .حسنه الالباني ، فالسعيد هو من يخفض شروطه للسعادة ويرضى بالقليل .



عبدالله عبداللطيف الابراهيم
http://www.facebook.com/profile.php?id=100002123024405
او تابعني علي تويتر
https://twitter.com/#!/boslaeh


No comments:

Post a Comment